مديرون لا مدراء

منذ زمن بعيد - منذ صغري - هناك مقال بين أوراق ابي - حفظه الله - يجذبني عنوانه و لكن في كل مرة كنت اؤجل قراءته الى ان ضاع المقال بين الأوراق . و كبرت و انا اكرر العنوان بين الحين والآخر فقط لان العنون جميل :) لا غير و لكني إلى اليوم لم اقرأ المقال !! و الليلة شعرت انه قد آن أوان لكي ابحث عنه لأقرأه .وجدته بين المقالات القديمة.. ولون الأوراق الصفراء ذكرني أني تأخرت في قراءة المقال سنين و سنين
التاريخ يرجع الى 1986!! و عنوان المقال ( مديرون لا مدراء) و الكاتب د.إبلاغ .. نعم نعم تأخرت في قراته سنوات طويلة.. و لكن مالذي جعلني أبحث عنه اليوم!

بما أن علم الإدارة يستهويني بكل أنواعه احاول على الدوام ان اقرأ كل ما هو جديد عن هذا الموضوع.. و قبل أيام اهدتني احداهن مجلة (عالم الإبداع- مجلة شهرية تعني بأمور الإدارة و التسويق و التدريب و التعليم عن بعد) وجدتها ممتعة و نافعة و لم أشعر بأن أصحاب المجلة يترجمون المقالات ترجمة من غير روح كأكثر الكتب العربية عن الإداره و هذا الشي جعلني اتحمس لكي اتصفح و اقرا المواضيع تقريبا كلها ! و لله الحمد.
و لكن كعادتي يجب ان اتذمر عن الأخطاء حتى لو كانت صغيرة!
و هذه المرة كان الخطأ..خطأ لغوي ..كلمة تستخدم و هي من الأخطاء الشائعة بالأخص في علم الإدارة ..كلمة مدراء.
انقل هنا كلمات من مقال مكتوب على الآلة الكاتبة ايام 1986!
اقرؤوا معي :

______________

كلمة مدير تجمع على مديرين لا مدراء علينا أن نحقق الموضوع من ناحية علم الإشتقاق لأ الأمر يحتاج إلى الإهتمام ... و معرفة الخطأ من الصواب تحتاج إلى معرفة الفعل الماضي من هذا الباب و هو : ((أدار) و فعل المضارع (يدير) و اسم الفاعل (مدير)
علما بأن قاعدة التصريف هي تبني اسم الفاعل من فعل المضارع تركز على بناء اسم الفاعل و يمكن القول بأن كل فعل مضارع يحول إلى اسم الفاعل حسب قاعدة علم الصرف بحذف حرف المضارعة و ذكر علامة إسم الفاعل بدله (هذا اذا كان الفعل صالحا لبناء اسم الفاعل و إلا فيمكن بناء الصفة المشبهة بدلا عن إسم الفاعل مثل (شرف) فإن هذا لباب ليس له اسم الفاعل بل بديله و هو شريه (الصفة المشبهة) .
و في موضوع بحثنا فإن فعل المضارع و هو فعل (يدير) الذي كان أصله يدير على وزن (يكرم) استثقلت الكسرة على الياء فنقلت إلى الحرف قبلها و هي الدال. و عندما نريد بناء اسم الفاعل نحذف الياء و هي علامة فعل المضارع و نأتي بالميم بدله و هذا نظرا لقاعدة ثابته لدى علماء الصرف في تحويل الفعل المضارع إلى إسم الفاعل في باب الإفعال لا غيره من الأبواب ، إذ تحويل المضارع إلى إسم الفاعل في كل باب من أبواب الأفعال المجردة و المزيده يتكئ على قاعدة ثابته و خاصة بذلك الباب.

و على هذه القاعدة يصير إسم الفاعل من هذا الباب (مدير) على وزن (مفعل) بضم الميم و سكون الفاء و كسر العين مثل :
(مكرم) و (معلن) و (مخرج) والقاعدة التي تتوجه الى فعل المضارع و هو : (يدير) بسكون الدال بجعله بكسر الدال : (يدير) تتوجه الى (مدير) بسكون الدال و تجعله مديرا بكسر الدال و سكون الياء.
و اسم الفاعل بعد هذا التصرف يخرج عن المماثلة بكل من : (مخرج) و (معلن) و يصير مماثلا لكم من (مجير) و مخيف) ,و (..) امثالها هذا من ناحية الصيغة و بيان الأصل و طريق الإشتقاق و أما من ناحية جعل المفرد جمعا فإن الثابت في علم التصريف أن الجمع على نوعين جمع التكسير و جمع السالم و هذا الوزن بالذات ليس له جمع التكسير و بعبارة اخرى:
فإن اسم الفاعل من باب الإفعال لا يجمع جمع التكسير فلا يقل في(مسلم ) (مسالم) و يقال (مسلمون) في الجمع المذكر السالم و (مسلمات) في الجمع المؤنث السالم و ذلك يبقى بناء الفرد على حالته و تنضم إليه علامة الجمع و هى الواو و النون و الياء و النون في الجمع المذكر السالم و الألف و التاء في الجمع المؤنث السالم. و يقال :(مسلمون) في حالة الرفع و (مسلمين) في حالتي النصب و الجر و نفس الطريق يجري على (مدير) فيقال في الجمع حالة الرفع : (مديرون) و حالتيي النصب والجر (مديرين) و لا يقال(مدائر) كما لا يقال (مسالم) و لا يقال (مدراء) كما لا يقال (مسلماء)
و أما منشأ هذا الخطأ فهو الإشتباه في الفرد بمعنى : ان الذين يجمعون على (مدائر) اشتبه عليهم ضم الميم بفتحها و فكروا ان الكلمة الممفردة هي (مدير) بفتح الميم على وزن (وزير) و(سفير) فلما جمع (وزير) على (وزراء) و(شريف) على (شرفاء) فليجمع (مدير) على (مدراء) مع ان هناك فرق كثير بين هذا و ذاك. اذ ان كلمة (شريف) من باب الثلاثي المجرد و الحرف الأول وهو الشين من أصل الكلمة و لكن مدير ليس مجردا بل ثلاثي مزيد و الحرف الأولى (الميم) زائد و لا يعتبر أصليا بل زيد كعلامة لإسم الفاعل او يقال : إن الميم في (مدير بدل عن الياء في أول المضارع - كما ذكرنا أن المضارع يدير- ) و بذلك نتأكد أن كلمة مدير ليست مثل كلمة (شريف) حتى تجمع على (مدراء) على وزن (شرفاء) جمع شريف و (نبلاء) جمع (نبيل) و عندما يضاف مديرون فإن النون تحذف في حالة الرفع و النصب و الجر و يقال : (ذهب مديرو الشركات إلى) .. في حالة الرفع و (رأيت مديري الشركات و اتصلت بمديري الشركات) في حالتي النصب و الجر..

انتهى المقال :)
ان شاء الله تكونوا استمتعتم به كما استمتعت أنا بقراءته :*)